تحذير: هذه المدونة تخضع لقانون حماية حقوق الملكية الفكرية، ونحذر من نشر أو نقل أي نص أو مقال دون نسبه للمؤلفة بأي وسيلة.







الأربعاء، 24 فبراير 2010

فـــي ذاكــــرتــــي ... أعــــيـــــادكــ يـــا وطـــنـــــي ..


25 فبــرايــــر "يـــوم استقلالكـ يا كويت"
26 فبـــرايـــــر " يــــوم تحـــريــركــ يا وطـــن"
لهذين اليومين ذكريات عزيزة عليّ على مر السنين، لعل أهمها تلك الذكرى التي لن أنساها ما حييت!
المكان: دولة الإمارات العربية المتحدة، إمارة أم القوين
الزمان: 25/2/1991
وقفت أمام المرآة .. أنظر إلى هيئتي بحزن وتوتر .. هل يمكنني فعلاً أن أذهب إلى المدرسة بهذا اللباس؟ هل سيتم توبيخي أمام الجميع لمخالفتي وارتدائي لغير ملابس المدرسة؟!
جائتني والدتي تحثني على الإسراع حتى لا أتأخر وأصل بعد أن يدق جرس الصباح! ولكني لم أتحرك من مكاني .. لم أتزحزح من أمام المرآة. لاحظت أمي ترددني ، جلست على السرير بالقرب مني ، تطالعني بنظرة اشفاق حزينة لم تستطع ابتسامتها أن تمحوها!
"لا عليكِ بارونتي، لن يكلمك أحد ولن يتم تعنيفك على ما ترتدينه، اليوم عيد موطنك ويحق لكِ ارتداء ما تريدين!"
أومأت لها برأسي موافقة ونظرت مرة أخيرة في المرآة، فتاة صغيرة في صفها الرابع .. حرمت من موطنها .. ولكن هذا لم يمنعها من الاستمرار في طلب العلم والتفوق والنجاح! نظرت إلى تلك التنورة السوداء وذلك القميص الأسود الذي ارتديه وقد طبع عليه كلمة Free Kuwait .. فرت دمعة عنيدة من عيني مسحتها قبل أن تنزل! ستبقى الكويت "حرة أبية" رغم أنف العدوان!
انطلقت في طريقي إلى المدرسة، ترددت بالدخول فخوفي من مخالفتي للقوانين وخجلي جعلاني أخشى مواجهة الجميع! ولكن سرعان ما أدركت بأنه لا داعي للتوتر فجميع مدرساتي وزميلاتي قد استقبلوني بابتسامات بعضها مشفق وبعضها مشجع والبعض الآخر متعاطف ومفتخر!
كنا 5 فتيات كويتيات في مدرسة صفية العمرية بإمارة أم القوين، ولكنهن لم يحببنني يوماً! لقد كن أكبر مني بالسن وكنت أنا أذكى منهن ومحبوبه من زميلاتي ومعلماتي وأكثرهن تفوق وجدية.. ويبدو بأن ذلك لم يروق لهن لذا فقد أصبحت عدوتهم دون ادراك أو وعي مني! جئت في هذا اليوم لأفاجأ لأول مرة بالسلام الوطني الكويتي!! بكيت يومها كثيراً وأنا أحي العلم.. كانت الفتيات الكويتيات يقمن برنامجاً إذاعياً خاصاً بمناسبة ذكرى يوم استقلال الكويت وكانت الكويت في حينها محتلة من قبل المعتدي الغاشم،، لم يخبروني بذلك حتى لا أشاركهن وأشاطرهن مشاعر الحب لوطني الكويت. لم أهتم بل جلست مع بقية زميلاتي لأستمع لهن ..
لحظات قليلة مضت حتى جائتني مدرسة الموسيقى لتنتشلني من بين الجميع ولتسألني عن سبب عدم مشاركتي في تلك الفعاليات الخاصة بوطني؟! أخبرتها بأني لم أكن أعلم بالبرنامج المعد ،، فلم يعلمني بذلك أحد، استشاطت غضباً وقالت لي يجب عليك المشاركة!
سألتني: " لا يوجد عندك أي شيء عن الكويت؟ قصيدة .. نثر .. أي شيء؟!"
سكت للحظات ثم أخبرتها عن مذكرتي الصغيرة، ففيها أدون مشاعري تجاه الغزو الغادر ، مشاعر الطفلة "اللاجئة" !! ، مشاعر الحزن على فقدان الوطن ! هي مقالات طفولية سخيفة .. كتبت بالكثير من الأخطاء اللغوية والنحوية .. ولكنها كانت صادقة بتلك المشاعر التي احتوتها .. قرأت معلمتي "خربشات طفولتي" ثم صاحت قائلة:
" تعالي معي! ستشاركين معهن!!"
لن أخبركم عن علامات الذهول والمفاجأة التي ارتسمت على وجوه "زميلاتي" الكويتيات! وبصوت مرتجف قرأت من مذكرتي كلماتي المعبرة عن حبي للكويت .. ولبابا جابر وبابا سعد ( رحمهما الله) .. وافتقادي لتراب الوطن.. لن أنسى دموعي يومها .. لن أنسى ارتجاف صوتي .. لن أنسى التصفيق الحار الذي صم أذنايي بعد انتهائي من القراءة!
لن أنسى محبة أهل الإمارات وكرمهم وذوقهم .. سأظل أذكرهم جميعاً بكل خير طوال عمري ..
لن أنسى ذلك اليوم أبداً .. الاحتفال بذكرى استقلال الكويت أثناء بقائها تحت ظل الاحتلال! حتماً لن انسى!
*****************************
المكان: دولة الإمارات العربية المتحدة ، امارة أم القوين
الزمان: 26 /2/ 1991
بعد ذكرى يوم الاستقلال في اليوم السابق، قدمت للمدرسة في ذلك اليوم باللباس الرسمي تاركة ورائي ملابس سوداء كتب عليها Free Kuwait !
لازلت أذكر ذلك اليوم جيداً، كنت في الفصل الدراسي ، في حصة اللغة الإنجليزية في آخر ساعة من الدوام الرسمي، وأثناء تلقينا الدرس فوجئنا بأصوات كثيرة في الخارج وضوضاء لم نستطع تميزها.. تجاهلت المعلمة ذلك في البداية ولكن الأصوات صارت في ازدياد وتوجد حركة غير طبيعية في خارج الفصل!!
خرجت معلمة الفصل لتلقي نظرة ولتحاول أن تعرف سبب هذا الصراخ وأصوات الزغاريد!! في البداية ظننا بأن إحدى المعلمات قد تزوجت والكل فرح بها و يغني ويصفق!! لكن الأمر لم يكن كذلك أبداً!!
ماهي إلا لحظات حتى وجدت نفسي خارج الفصل مع الجموع! نطل من أعلى على تجمع المعلمات والطالبات في الساحة الأمامية في الأسفل ونشاهد رقصهم وغنائهم وفرحتهم الكبرى! ابتسمت معلمتنا دون أن تفهم ما يجري ووجدت نفسي أجري إلى الأسفل مع البقية .. لنغرق في داخل التجمع في ثواني!!
الكل يحضني .. الكل يبارك لي .. أنتقل من حضن لآخر دون أن أعي ما الذي يجري! هنا من تقبل وجنتي وهنا من تقبل رأسي .. وهنا من تحضنني وتبكي!
صرخت بين الجموع مبتسمة دون ادراك لما يحصل :
" مــا الأمــــر؟!"
تمسكني معلمة اللغة العربية و بفرح تحضنني
"الكويت تحررت .. ديرتج تحررت!"
كنت ابكي واضحك! لم أستطع التصديق، هل فعلاً الكويت عادت؟! هل انتهى الكابوس؟ هل سنعود للوطن؟!
صرت أحمل فوق الأمتان .. أضحك بكل طفولة وسذاجة .. دموعي نهر جاري أبى أن يتوقف .. وفرحتي كبيرة .. أريد أن أذهب إلى البيت .. أريد أن أتأكد من الخبر .. أريد أن أرى فرحة أمي وسعادة أبي .. أريد أن أرى الكويت!
ابدلت بعد ذلك اليوم قميصي الأسود بآخر أبيض .. كتب عليه " تبقى الكويت حرة أبية" !
ولتظل هذه الذكريات حية .. عزيزة .. لا تنسى!

الثلاثاء، 16 فبراير 2010

ظواهر غريبة .. موضة جديدة .. نحاسة زائدة .. أم ماذا؟!


لاحظت في الآونة الأخيرة بعض الظواهر الغريبة و"الهبات" العجيبة في مجتمعنا الكويتي المسالم!! وقد أثارت تلك الظواهر دهشتي وجعلتني أتساءل، هل ما يحدث من أمور في مجتمعاتنا صحيح وnormal أم بأني أنا وتفكيري غلط؟!
من الأمور العامة التي لاحظتها ، انتشار كلمة " فديتك/ فديتج" بين أبناء هذا الجيل، لا أعني بكلامي بأن الكلمة بها شيئاً خاطيء أو غريبة على مسامعنا، بل العكس لطالما تميز بها بعض أخواننا في الخليج العربي وخاصة في الإمارات وقطر الشقيقتين لدرجة أنه بمجرد سماعنا لتلك الكلمة يمكننا تمييز جنسية قائلها في الحال.
أما ما يحدث الآن، فهو استخدام الكلمة من قبل شبابنا بمناسبة وغير مناسبة! أصبحت تقال من الكل ولكل من هب ودب!!
وأيضاً لاحظت استخدام كلمات معينة من قبل بعض الأشخاص لاستخدامها أثناء حديثهم مع المحيطين بهم، وتصبح هذه الكلمة "لزمة" تستخدم لفترة معينة وبين كلمة وأخرى لسبب او بدون سبب!! حتى يمل منها قائلها ، أو لأن غيره قد قام باستخدامها كثيراً ولشهرة شبابنا بحبهم للتغييروالتميز ، يقوم بالبحث عن كلمة أخرى جديدة وغريبة و "فلة" لتصبح لزمته القادمة لفترة لا يعلمها إلى الله!
وسؤالي لهؤلاء: لماذا لا يتم استخدام كلمات كويتية قديمة وجميلة كانت تميزنا في زمنٍ ما! لماذا، مادمنا محبين لكل شي جديد وفريد، لا نتميز بهويتنا الكويتية الأصيلة؟ وكلمات أجدادنا الجميلة؟
فلنجرب باختيار احدى الكلمات القديمة (وليجعلوها لزمة ان ارادوا!) ونعيد احيائها وتداولها ليعرفها أبناءنا وأحفادنا وحتى لا تضيع هويتنا الكويتية أكثر في ظل هذه الظروف الراهنة!!
**********************************************
سيدتي، آنستي، طفلتي العزيزة ..
تحية طيبة وبعد ،،،
بعد موضة سكارفات الشماغات الملونة، وأساور العقل المعقدة، والجينزات ذات القصة الرجالية والألوان الصبيانية،
وبعد موضة الشعر القصير جداً
والمشية المسترجلة
ماذا تبقى؟!
أفكر باحضار بضاعة جديدة عبارة عن "قحافي" ملونه، شرايكم؟ تهقون تمشي واربح؟
**********************
في غرفة الاجتماعات
الكل يتحدث بنفس الوقت ،،
هذا يبدي رأيه بصرامة ..
وذاك يصرخ ويتمادى بصراخه من أجل ابداء رأيه متخذاً مبدأ "خذوهم بالصوت"!!
وتلك تتكلم بانكسار .. بصوت مبحوح لا يكاد يسمع.. تهمس لنفسها باقتراحها لحل المشكلة!
وذلك الموظف الهندي يتحدث بانجليزية ذات لكنة هندية مبدياً اقتراحاً مناسباً وحلاً صائباً
ليسكته زميلة العربي ويطلب منه عدم التحدث وابداء المعلومات!!
بحجة "بأن تلك مشكلتهم، وهم من عليهم حلها، وليس نحن!!"
وأنا أراقب الوضع بصمت واندهاش!!
لماذا تعاملنا مع بعضنا البعض يتم بالصراخ؟
أليس هناك أسلوب أكثر حضارة وأرقى في التعامل؟
أين احترام آراء الغير التي ندعيها؟! لماذا لا نعطي الآخرين فرصة لنسمع منهم؟
ولماذا نشاهد "هذه النحاسة" بين الأقسام المختلفة في بعض الوزارات؟
لماذا لا نضع مصلحة العمل ومصلحة الكويت بالدرجة الأولى؟!
اجتماع اصابني بالاحباط والحزن
هل تعرفون طبيب نفسي شاطر تنصحوني به؟!
؛؛؛؛؛
؛؛؛؛
؛؛
؛
كنتم مع بعض من دردشتي ، هذرتي، وسوالفي مع نفسي أمام المرآة!!

الاثنين، 8 فبراير 2010

الحـــــلـــمــ الــــضـــــائـــع ( قصة قصيرة)



قصة قصيرة كتبتها أيام الدراسة، حازت على المركز الثاني للعام الدراسي 1998/ 1999م على مستوى المنطقة التعليمية. أعدت صياغتها واختصارها لتلائم المدونة. ان شاءالله تحوز على رضاكم، ولا تبخلون عليّ بالرأي والملاحظة.

******************************************

فتحت عيني ببطء.. رجفة قوية في جفنيّ جعلتني أرمش بشدة..

لوهلة، لم أعلم أين أنا؟ حاولت النهوض ولم أتمكن!

البياض يغلف المكان.. رائحة قوية في الأجواء ..

رائحة معقم كحولي خارقة! تدخل أنفي .. تتسلل إلى أعماق روحي..

أنظر إلى ما حولي بقلق .. ليصطدم نظري بجسد ساكن غارق في الأريكة البسيطة بزاوية الغرفة!

أرمش مرة .. مرتين.. وثلاث !

غشاوة كريهة تمنعني من الرؤية الجيدة

أمعن النظر مجدداً لذاك الجسد الواهن..

آه .. رباه!!

إنها أمي المسكينة .. ترقد بضعف هناك ..

هالات سوداء تحيط بعينيها المتعبتين..

تجاعيد صغيرة تغزو جبينها ..

وخطوط عميقة حفرت بوجنتيها بسبب دموعها الحارقة!

إنها هنا من أجلي!

على الرغم ن كل شيء.. لازالت هنا، لم تتركني!

أسمع صوت خطوات تقترب من الباب .. أتظاهر بالنوم مجدداً ..

تقترب الممرضة بهدوء .. تدثر والدتي بغطاء سميك يقيها برد الغرفة..

فتبتسم لها والدتي بضعف وتشكرها..

أغمض عيني بشدة أكبر وأنا أسمع صوت خطواتها المبتعدة ..

لأبتعد بفكري أنا أيضاً .. وأنجرف مع طوفان الذكريات!

********************************

"سالم .. هيا بنا! سنتأخر عن الاختبار!!"

أبتسم لخالد صديقتي .. وأسرع الخطوات للحاق به..

لقد كنت شاباً طموحاً .. طالب مجتهد ومتفوق لا أعرف للفشل طريق ولم أذق لليأس طعم!

أياماً طويلة عشتها في الغربة ، أدرس وأجتهد لأحقق حلماً طال انتظاره..

لم أكن شاباً عابثاً، ولم أنغمس كغيري من الشباب مع الفتيات واللهو في المراقص الليلية

ولم يكن لي من الأصدقاء سوى خالد.. فهو صديقي منذ الصغر.. صديق العمر!

أقفز من نجاح إلى آخر.. وأزداد تفوقاً ..

حتى جاء ذلك اليوم .. اليوم الذي قلب حياتي رأساً على عقب..

اليوم الذي قتلني ووأد فرحتي بالنجاح قبل أن تولد!

ذاك هو اليوم الأسود!!

********************************

أحسست بحركة خفيفة في زاوية الغرفة..

نظرت من تحت الغطاء الأبيض الكريه .. انها أمي!

لقد أفاقت وكانت تتحرك في مقعدها بتعب..

نظرت إلى ساعة يدها ، ثم دست قدميها الصغيرتين في خفها الصوفي الدافيء

نهضت بتثاقل وتعب، متجهة ناحية البراد لتصب لها كأساً من الماء ترتوي منه.. لعله يروي عطشها لسماع صوتي!

تقترب مني ببطء .. أغمض عينيّ متظاهراً بالنوم..

لن أستطيع النظر إليها .. لن أقوى النظر في عينيها ورؤية الحزن يكتسي سوادها !

تضع يدها الباردة على جبيني، تمسح على شعري وتقرأ بعض الآيات القرآنية..

تفر من عيني دمعة حارة.. دمعة ندم؟ ربما!

******************************

تتعالى الضحكات والقهقهات في شقتي الواقعة في مدينة دينفر في ولاية كولارادو الأمريكية..

اليوم هو عطلة نهاية الأسبوع، لدينا يومان رائعان لنقضيهما بمرح قبل بدء الأسبوع الدراسي..

"ذاك الطبق طعمه سيء للغاية! أثبت بأنك طباخ فاشل يا خالد!"

نظر إليّ بعتاب وقد ظهر العبوس على وجهه وصاح بي قائلاً :

" إنك حقاً شخص ناكر للجميل! لن أطبخ لك شيئاً بعد الآن ولتريني مهارتك أيها العزيز!"

كانت ردة فعله مضحكة، اعتذرت له فإن لم أفعل لحكمت على نفسي بالجوع المؤبد في تلك المدينة الثلجية!!

رن الهاتف بإلحاح شديد.. جرى خالد مسرعاً نحو الغرفة الأخرى صائحاً

"أنا سأجيب!"

بينما غادر المطبخ، أكملت تقطيع الطماطم مدندناً لنفسي لحناً شجياً ..

"المكالمة لك يا سالم"

هكذا قاطعني صوت خالد .. فتركت ما بيدي وذهبت لأرد على المتصل..

كانت لحظات .. حتى قطع صوت صراخ حاد هدوء المكان..

كان صراخي!

وقع الطبق من يد خالد الذي أصيب بالرعب عند سماعه لبكائي!

وجدني في حالة يرثى لها.. نظر إليّ بتساؤل وذهول ..

صرخت بمرارة: "لقد مات! مات أبي يا خالد! لقد مات!"

كانت أيام صعبة .. مليئة بالحزن القاتل!

لقد كان والدي يعني الكثير بالنسبة لي .. لم أستطع تحمل فكرة فقدانه إلى الأبد!

لماذا يا أبي؟ لماذا تركتني ورحلت بعيداً؟ لماذا؟

لم تفرح بي بعد! ولم أشبع منك !

اظلمت الدنيا بعد أن انطفئ نورك، وتحولت حياتي لجحيم لا يطاق!

بعد انتهاء مراسيم الدفن والعزاء، عدت أدراجي إلى غربتي .. إلى وحدتي .. تحمل نفسي هموم ثقيلة لم أظن بأني سأحتملها!

حاول خالد انتشالي من بحيرة أحزاني .. وقد فشل فشلاً ذريعاً في ذلك!

لم تتمكن كلماته من اعادتي للحياة، نعم، فقد انتهت حياتي بموت أبي!

حاول تذكيري بحلمي ، بطموحي، بنجاحي..

ولم أرغب بالتذكر!

بل تغيرت كثيراً ، وأصبحت استمتع برفقة "صحبة السوء" فمعهم أنسى حزني أو هذا ما بدا لي حينها!

انجذبت لنمط حياتهم المخادعة ..

كان خالد العزيز بجانبي ولكني لم أهتم به!

حاول أن يجعلني أصحو من حالة البؤس التي أعيشها.. يذكرني بوالدتي

من لها بعدي؟ يحدثني عن حبها وانتظارها لي .. ولم أصحوا من غفلتي!

لم أستمع له، لم أكن أريد سوى النسيان!

نعم حجة كل ضعيف .. النسيان!

تشبثت به بانغماسي بحياة أخرى لتنسيني واقعي، فأغرقني بدهاليز غرية وعالم مرير!

أردت أن أنسى ولا شيء سوى النسيان!

تجرعت الخمر حتى الثمالة .. ولم أنسى!

أغرقت نفسي في بحر الرذيلة والشهوات .. ولم أنسى!

عرفت طريق المخدرات والمسكرات .. ولم أنسى!

أضعت حياتي .. أملي .. طموحي وحلمي ..

من أجل نسيان واقعي .. ولم أنسى!!

***************************

أحسست بلمسات حانية تمسح على رأسي ..وسمعت كلمات باكية تحدثني..

آه أنه صوتها العذب .. إنها أمي!

تبكي لأجلي .. ترجوني لأفتح عيني .. أن أكلمها..

آه يا أماه .. آه ..أرجوكِ .. سامحيني .. سامحيني يا أمي ..

فأنا لا أستحق دمعة غالية من عيناكِ ..

ولا أستحق كلمة حانية من شفتاكِ ..

أنا لا أستحق أن أكون إبنكِ !

سامحيني يا غاليتي ..

فأنت لا تستحقين ولداً فاشلاً .. عاقاً ..عابثاً ومريضاً مثلي!

لقد أخطأت يا أمي ونلت جزائي ..

وليس لكِ ذنب بأن يكون لديك إبن مصاب بالإيدز!!

****************************************** تـــــــــمـــــــــــت !!

إن شاءالله تعجبكم :) بإنتظار ملاحظاتكم وآرائكم ..

كل الود


الخميس، 4 فبراير 2010

مواقف وطرائف من الغربة ... (6) الأخـــيــــر


لم تنته معاناتي مع سيارتي الزيتونية.. واستمرت بتعذيبي بكثرة توقفها وتمردها!

وبعد مضي بضعة أسابيع من الترقب والخوف من أن تقف فجأة وتتركني حائرة وسط الطريق،

جائنا الفـــرج!!

فقد حل فصل الصيف ، وقرر صديق والدي أن يمضي عطلته مع عائلته في الكويت لمدة 3 أشهر

في حين توجب عليّ أن أكمل دراستي في الفصل الصيفي

لذا فقد اقترح على والدي تأجيل عملية إصلاح سيارتنا العنيدة وقدم لنا في المقابل سيارته من نوع

الفان العائلية لنستخدمها خلال فترة تواجده في الكويت مذكراً والدي بأنه سيحتاجها كثيراً عندما تأتي عائلتي لزيارتي بعد أيام قليلة ، وتمت الموافقة على اقتراحه المؤقت

وبما أن والدي قد سمح لي بالقيادة منذ فصل الربيع ( فقد مل من توصيلي إلى الجامعة في وقت مبكر) فقد

توجب عليّ أن أتعلم على قيادة سيارة بمثل هذا الحجم الكبير والضخم بالنسبة لي

ولم أواجه مشكلة في قيادة هذه الفان ذات اللون الطافي!

لكن ما شد انتباهي واضحكني كثيراً، هو أنها ليست بأفضل من "القرنبع" التي لدي!

فقد قام صديق والدي بشرائها من رجل عربي أيضاً ، وكانت مستعملة (قد أكل عليها الدهر وشرب)

ولم تكن مروحة السيارة تدار أوتوماتيكياً، فكان عليّ في كل مرة أن أفتح "غبق" السيارة وأن أديرها

بواسطة زر صغير هناك ثم أدير المحرك من الداخل ونفس الشيء عند إيقاف السيارة!

لكم أن تتخيلوا شكل فتاة صغيرة تقود سيارة حجمها حجم فيل وفي كل مرة تفتح "الغبق" وتقفله عند

قيادة السيارة!!

ولن أخفي عليكم لقد كنت استمتع كثيراً بذلك فأنا أعيش تجارب لأول مرة في حياتي أعيشها! وأصبحت الآن ذكريات

أكتب عنها :)

موقف من المواقف الأخرى التي صادفتني مع السيارات في الغربة، هو عندما عاد صديق والدي من الكويت

وأتى ليستعيد سيارته مجدداً فكان على والدي أن يصلح سيارتنا "القرنبع"

وقد استغرق اصلاحها عدة أسابيع "شكلها كانت الله بالخير"

في تلك الأثناء قام والدي باستأجار سيارة سبورت حمراء من نوع "موستنغ" باب واحد

صدمه مو ؟ :) شلون يأجر سيارة شبابية لنا؟

كل مافي الأمر بأنها كانت الوحيدة المتوفرة!

ولكم أن تتصورا مقدار فرحي وسعادتي بهذه السيارة !!

"مو مصدقة عمري اسوق موستنغ" :)

وفعلاً صرت أذهب بها إلى الجامعة وأعود ..

وأذكر في مرة بعد أحداث سبتمبر 11 كنت خارجة من الجامعة متوجهة إلى سيارتي الحمراء

وحاولت تشغيلها مراراً ولكنها لم تعمل!!

أيقنت عندها بأن بطاريتها قد افرغت وبحاجة إلى إعادة شحن..

رجعت أدراجي إلى الكلية، قمت بطلب المساعدة ولكنهم أرشدوني بأن المختص بذلك هم "شرطة الجامعة"

Campus Police

فذهبت إلى مكتب الشرطة سيراً على الأقدام، لقد كان في الجهة الأخرى من الحرم الجامعي

وأخبرت الضابط Officer عن حاجتي للمساعدة في شحن سيارتي

وكان ودوداً جداً .. فأخذ حقيبة صغيرة تحتوي على charger واصطحبني إلى الباحة الأمامية وتوقف عند سيارة شرطة

وطلب مني الصعود!!

@@

بصراحة "خفت" !

أنا أركب سيارة شرطة؟ شلون؟!

ضحك الشرطي وهو يرى علامات الخوف على وجهي وقال لي ان المسافة إلى مواقف السيارات بعيدة

والأفضل الذهاب إلى هناك بالسيارة

ركبت في المقعد الخلفي وأنا أشعر بشعور غريب ..كريه !

أشعر بالخجل من أن يراني أحد الطلبة وأنا في سيارة الشرطة!

ولله الحمد وصلنا قبل أن ألمح طيف "طالب" :)

قام الضابط بشحن سيارتي مجدداً وقد سألني فجأة عن جنسيتي!

فأخبرته بأني من الكويت

سألني ان كنت قد تعرضت لأي مضايقة من الطلبة الأمريكان

فهززت رأسي دلالة على النفي

قام بإخراج بطاقة صغيرة من جيبة وناولني اياها قائلاً:

دعي بطاقتي معك، إذا تعرضتي لأي مضايقة أو احتجتي لأي مساعدة قومي على الفور بالاتصال بي، فبعض الطلبة هنا مستاؤون لما حدث في 11 سبتمبر وهم صغار السن لن يفهموا بأن لا دخل لكِ فيما حدث ويهاجمون كل مسلم أو عربي!

أخذت البطاقة منه وأنا أشكره كثيراً على مساعدته ، وغادرت عائدة إلى البيت أحمل في جعبتي حكاية لا تصدق لأحكيها لوالدي :)

* غبق: غطاء السيارة الأمامي

********************************

ذكرى

لقد صادف في ذلك العام أن تحل ذكرى مولدي قبل وصول بقية عائلتي من الكويت، وقد فاجأني والدي الحبيب

بباقة جميلة من زهور الديزي وقالب حلوى صغير عليه 19 شمعة وهدية صغيرة كانت عبارة عن تمثال صغير لدب

يرتدي قبعة التخرج !!

بكيت يومها كما لم أبكي من قبل! فقد كنت فرحة كثيراً بتلك البادرة الرائعة من أبي العزيز وكنت أتضرع إلى الله كثيراً بأن يوفقني لأحقق حلمي وحلمه بالتخرج.. وقد استجاب الباري عزوجل لدعائي!

*******************

كنتم مع سلسلة "مواقف وطرائف من الغربة" .. أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بقراءتها

وأرجو كثيراً أن تكون قد نالت على رضاكم

سعيدة بمشاركتكم لي تلك الذكريات العزيزة على قلبي ، وسعيدة أكثر بتدوينها !

دمتم بحفظ الله ورعايته

:)

الاثنين، 1 فبراير 2010

مواقف وطرائف من الغربة ... (5)


عــــدنـــا من جــديــد :)
بعد الضياع في ديترويت وضياع الكاميرا في إدارة الهجرة الأمريكية .. وزيارتنا لمنزل صديق والدي وعائلته ..
و "الزفة" التي تلقيتها بسبب السيارة "القرنبع" ،، أعود معكم اليوم بذكريات جديدة ومواقف طريفة من بطولة الوالد وأنا بالطبع :)
استقر الوضع بنا في شقتنا الصغيرة على جادة "ابوت بوينت" في مدينة لانسنغ في ولاية ميتشغن الأمريكية ..
وكنت استمتع بحصص اللغة التي اتلقاها في الجامعة .. وتعرفت على أناس كثر ومن بلدان مختلفة كالمكسيك وكولومبيا و اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند و الصين بالاضافة إلى 2 او 3 من العرب والخليجيين!
في السابق كنت أعتقد أن شعوب شرق آسيا جميعهم متشابهون!
لم أكن أميز بين الياباني والصيني و التايلاندي والكوري! فالجميع لدي متشابهون!
ولكن بعد أن درست معهم .. وانخرطت بهم ..
استطعت أن أفرق بينهم بمجرد النظر!
فالشعب الياباني يمتاز بالأناقة الشديدة وتظهر عليه النعمة وحقائبهم من Coach و LV وغيرها!
أما الصينيين اممم فأشباههم كأشباه جاكي شان!
والتايلانديون .. تغلب عليهم السمرة قليلاً و ملامحهم أقرب لسكان الجزر في هاواي !
والكوريون .. امم ماذا عساي أن أقول ؟
فهم "بدعة" !!
تغلب على ملامحهم السذاجة والغباء ! ومضحكين جداً ودائماً مبتسمون.. ويشبهون كثيراً "ماروكو وهاناو" :)
ما علينا !!
لنعود للحديث عن إحدى المواقف الصعبة والمضحكة التي مررنا بها أنا وأبي ..
فكما أخبرتكم سابقاً ، لقد قام والدي بشراء سيارة مستعملة من رجل عربي .. وقد خدعنا بها!
كيف؟
ستعرفون خلال لحظات!
بعد زيارتنا الأولى لصديق والدي وعائلته في ديترويت، ألحوا علينا لزيارتهم دائماً في عطل نهاية الأسبوع
ولم أمانع بالطبع فقد كان والدي يرفه قليلاً عن نفسه .. ويتسامر مع صديقه
وكنت أنا قد اندمجت مع زوجته وبناته وأحببت صحبتهم كثيراً وكنت أحرص على زيارتهم كل نهاية اسبوع
"الغربة وماتسوي " :)
وفي احدى أيام الربيع الجميلة
حيث الشمس ترسل أشعتها الذهبية على السهول والأشجار ..
وزرقة السماء الجميلة الصافية من أي غيمة متمردة ترحب بالطيور لتحلق في مداها البعيد ..
كانت هناك سيارة "ميركري" زيتونية اللون .. تبعث "الهم والقامت" لمن ينظر لها!
تسير في أمان الله على إحدى الطرق السريعة .. متوجهة إلى ديترويت
يجلس بداخلها رجل وقور خلف مقود السيارة .. تبدو الابتسامة على وجهه السموح ..
مستمتع بالاستماع إلى CD الأغاني العربية التي تطرد وحشة الغربة من نفسه ..
وبجانبة تجلس ابنته الصغيرة .. ذات الثامنة عشر ربيعاً .. تشارك في الغناء ..
وتستمتع بالنظر على جانبيّ الطريق .. لعلها تستطيع أن ترى غزال شارد هنا أو هناك !
وفجأة !
ومن دون سابق إنذار .. بدأت السيارة الزيتونية بالسعال .. تتحدى به صوت أصالة وهي تغني "عل اللي جرا من مراسيلك"..
يرتفع صوت "قرقعة السيارة" و يرتفع صوت أصالة أكثر !
" عل اللي جراااااااااااااااااااااااااا"
فتتوقف السيارة فجأة على جانب الطريق و يموت صوت المحرك!
" عل اللي جراا من مراسيليك عل اللي جرااا ..
بس أما تيجي وأنا أحكيلك عل اللي جراا ..
عل اللي جرااااااااااااااااااااااااااااااا"
"وجع!" << هكذا قالها والدي وهو يطفيء جهاز التسجيل!!
لقد "نرفزته" الست أصالة بصراخها وهو الذي كان محتار لما جرى وكيف توقفت السيارة فجأة علينا بالطريق!!
حاولنا تشغيلها مراراً .. ولكن لا فائدة! لم تعمل ولم يتوقف لمساعدتنا أحد! <<>
"يبا! شرايك نتصل على 911؟ (يادي 911 !! ) يمكن ايون يساعدونا؟"
لن أشرح لكم حالة أبي لأنه كان "معصب حده" وطلب مني أن أنجعم واسكت :/ << عادي متعوده دايماً :)
جلسنا صامتين بالسيارة .. لما يقارب الساعة ..
ثم تحرك والدي وحاول إدارة المحرك مجدداً ..
و خمنوا ماذا؟
لقد عاد للدوران وأصبح يعمل ثانية!
ومن دون تفكير .. رجعنا أدراجنا إلى المنزل لاغين فكرة الزيارة المشؤمة تحت ظل هذه الأوضاع المفاجئة
وفضلنا العودة الآن بدلاً من أن نستمر في الرحلة "ويا عالم راح يرد تشتغل السيارة مرة ثانية والا لا؟"
والحمدلله لم تتوقف السيارة بنا مرة أخرى إلا عند مدخل المجمع السكني الذي نقيم به وعلى بعد أمتار قليلاً من موقف السيارة!!
لأنزل أنا ووالدي ونحاول دفعها للوقوف في المكان المخصص لها !!
وكانت هذه أول مرة في حياتي أقوم بها بدفع سيارة على الطريق!
"مو يقولون الغربة تعلم؟ " :)
إلى أن ألتقي وإياكم على خير مع مواقف "طريفة" أخرى
دمتم بحفظ الله ورعايته