لم أتوقع أن يثير الموضوع السابق حفيظة البعض .. ولم أتصور أن تصلني بعض الرسائل المسيئة ..
وينعتني البعض بـ " بنت السيلانية و الهندية" !! فقط لمجرد تسليطي الضوء على قضية اراها مهملة ومنسية!
ليس من الضرورة أن يعاني الكاتب من المشكلة التي يطرحها! فليس كل من يناقش قضايا الادمان والمخدرات مدمن!
وليس من يكتب عن قضايا السرقات وجرائم القتل مجرم!
لا أدري بأي منطق يتحدث هؤلاء ولا أعرف طريقاً يوصلني لعقولهم الملتوية التي لا يهمني أبداً الوصول اليها!
لذا ..
قررت أن ارتشف فنجان قهوتي الصباحي .. وأفكر بكتابة موضوع جميل هاديء .. ينسيني تطرف البعض!
فنجان قهوتي هذه المرة مختلف .. " البن" نفسه .. والفنجان نفسه .. والسكر نفسه .. ولكن الطعم مختلف!
ربما المرارة التي شعرت بها وانا استذكر بعض المواقف وصلت لفنجان قهوتي .. وجعلت مذاقه يختلف!
*****
(1)
-" تعال يا بنيّ .. سلم على عمك ... "
نظر الطفل خالد الى الرجل الضخم الواقف بجانب والده بريبة، فهو يراه للمرة الأولى . تقدم ببطء ماداً كفه الصغير نحو الرجل بتردد.
-" مرحباً بالبطل! كيف حالك؟"
بصوت طفولي مرتجف يجيب خالد:
-" بخير الحمدلله"
بدأ الرجل بتجاذ أطراف الحديث مع الصغير، يسأله عن أحواله ومدرسته وأصدقاءه حتى وصل الى سؤال غريب
-" هل تعرف اسمك كاملاً يا خالد؟"
نظر خالد بعينين حملتا براءة أعوامه الخمس، وأومأ برأسه ايجاباً
-" قل لي إذن ، ما أسمك؟"
نظر خالد الى والده الذي ابتسم له مشجعاً، وأجاب
-" خالد محمد فلان الفلاني"
-" والنعم! هل تعرف اصلك يا خالد؟"
وهنا علت تقطيبة صغيرة وجه الصغير وقال بثقة
-" كويتي!"
ضحك والده وصديقه الضخم وقال الأخير
-" أعلم أنك كويتي ولكن ما اصلك؟!"
قال خالد بتصميم واصرار طفولي محبب
-" أصلي كويتي!"
*******
(2)
الزمن: 1990 - ابان الاحتلال العراقي الغاشم على دولة الكويت
المكان: أحد فنادق إمارة الشارقة، في دولة الامارات العربية المتحدة
جلست مجموعة من الفتيات الكويتيات الصغيرات - لا تتجاوز أعمارهن العشر سنوات - في بهو الفندق، ينتظرن قدوم عائلاتهن استعداداً للخروج. قالت إحداهن ( وهي الأكبر سناً) سعياً للتعارف:
- " يقع بيتنا في الكويت في منطقة ..... ، وأنتِ ( وهي تشير الى فتاة صغيرة جالسة بالقرب منها) ؟"
قالت الصغيرة :
-" بيتنا في المنطقة الفلانية "
اومأت الأخرى برأسها دلالة على معرفتها بالمنطقة، ثم سألت نفس الفتاة والفتاة التي بجانبها :
-" أنتما أختان؟"
-" نعم"
-" أنا دلال ، وأنتما؟"
-" أنا شيخه ، وهذه أختي حصه"
-" ما اسم عائلتكما؟"
قالت أكبر الأختين
- " والدنا هو فلان بن فلان الفلاني"
فكانت ردة فعل دلال صادمة ومحرجة للأختين!
-" وييييعععع (بدو) ! "
******
(3)
كان سليمان يلعب بطائراته الورقية في غرفة الجلوس، بينما جلس والده يقرأ الصحيفة المحلية ويرتشف من كوب الشاي الساخن أمامه. توقف سليمان فجأة عن اللعب، والتفت الى والده قائلاً
-" بابا .. لقد سألني صديقي راشد اليوم عن أصلي، وقال لي ما أصلك؟"
أبعد الوالد الصحيفة عن وجهه ونظر الى ولده سليمان بتعجب، كيف يجيء أطفال في مرحلة رياض الأطفال بمثل هذه الأسئلة، وسأله
-" وأنت .. ماذا قلت له؟"
ابتسم سليمان بثقة وانتصار من يعرف الاجابة وقال
-" قلت له أنا قدساوي!"
ضحك والد سليمان كثيراً من جواب ابنه، وعاد لقراءة صحيفته!
********
(4)
كان عبدالله يدندن ويغني وهو يقود سيارته مستمتعاً بالفقرة الخاصة بمطربه المفضل التي يبثها البرنامج الاذاعي ، حتى فاجأه صغيره حمد الجالس في المقعد المجاور بهدوء
-" أبي .. أطفيء المذياع رجاءً!"
تعجب عبدالله من طلب ولده، فهذه هي المرة الأولى التي يطلب منه مثل هذا الطلب!
-" لماذا اطفئه؟ هل يزعجك؟ أم أنك لا تحب هذه الأغاني؟ هل تريد أن أغير الموجه؟"
-" لا يا أبي .. أريدك أن تطفئه نهائياً .. فلا يجوز أن نسمع الموسيقى انه شهر محرم! لقد قال لي صديقي علي ذلك!"
زاد تعجب الأب من حديث ابنه ذو السبعة أعوام، ما الذي لا يعرفه هؤلاء الصغار حتى الآن؟! هل يتحدثون بمثل هذه الأمور في هذا السن؟!
********
ارتشفت من فنجان قهوتي، ثم أبعدتها بعيداً عني ! فقد بردت بعد أن نسيتها وضعت بأفكاري.. وأصبح مذاقها سيئاً للغاية !
عليّ ان أشتري قهوة جديدة في الغد، سأبحث عن نوع جيد .. و"بن" أفضل من الذي عندي .. عجبي! حتى القهوة لها أصول! ما أصل القهوة التي لديّ؟ من أي شجرة هي؟ ومن أي بلد؟!
قهوة تركية .. عربية ..ايطالية .. امريكية .. فرنسية ..يونانية .. الخ !
لا توجد أشجار قهوة في تركيا أو ايطاليا أو فرنسا .. من أين جاءت هذه المسميات إذن؟
والقهوة العربية .. هناك قهوة شامية .. وقهوة بيروتية .. وقهوة فلسطينية وأردنية .. وقهوة خليجية وقهوة مصرية .. و .. و .. و.. تختلف النكهات وتختلف المذاقات ويبقى المسمى واحد " قهوة عربية" !
قد تختلف أصولنا .. وتختلف لهجاتنا .. وتختلف مذاهبنا .. وتختلف ثقافتنا وبيئتنا ..
قد تختلف أشكالنا .. وتختلف ألواننا .. وتختلف ملابسنا وعطورنا ..
قد يختلف طعامنا .. وتختلف قهوتنا ..
ولكننا سنبقى دائماً .. عرب تجمعنا وحدتنا وتاريخنا!
لنزرع في قلوب أبناءنا قيماً عظيمة .. ومباديء رائعة .. وحباً صادقاً لهذا العالم الذي يجمعنا ..
لننتج جيلاً رائداً .. طموحاً .. مشرفاً .. قوياً
راسخاً بجذوره .. كشجرة القهوة الأصيلة ..
مميزاً بنجاحه .. كمذاق البن العريق ..
عندها .. وعندها فقط !
سيكون لقهوتنا العربية الأصيلة .. مذاقاً مميزاً .. مهما اختلفت أصولها .. ومهما اختلفت مسمياتها !
؛؛
؛؛
؛؛
خارج الموضوع ؛؛
؛؛
؛
؛؛
؛
عزيزي شهر "مارس" مو جنك مصختها شوي؟ أما آن لك أن تنتهي؟!
#ارحل .. #ارحل .. #نستحق الأفضل !
غداً أول يوم من ايام شهر ابريل بإذن الله ،، وتذكروا "اللي يكذب يروح النار" ! :)
عطلة نهاية أسبوع سعيدة اتمناها للجميع
كونوا بخير