
في الاسبوع الماضي لاحظت وجود ضرس مستتر خلف الضرس الأمامي لصغيرتي جوجو التي ستبلغ العام السابع في الشهر القادم بإذن الله، كان الضرس ينمو بسرعة كبيرة على الرغم من عدم سقوط الضرس الأمامي بعد! خفت كثيراً أن يتسبب ذلك بمشاكل لها في المستقبل لذا كان لابد لي من السؤال واستشارة طبيب أسنان عن هذا الموضوع والحمدلله ان في عائلتنا دكتورة اسنان قامت باعطائنا استشارة مجانية . توصلنا الى ضرورة اقتلاع الضرس اللبني حتى يتسنى للضرس الجديد أن يأخذ مكانه بشكل صحيح.
ولا أخفي عليكم أفلام الرعب والتشويق التي جرت في منزلنا والتي كانت جوجو بطلتها! فقد كانت رافضه رفضاً قاطعاً أن تذهب الى العيادة وأن يُقتلع ضرسها العزيز! وعلى الرغم من محاولات اقناعها بتقبل الفكرة الا أنها كانت ترفض وباصرار! قمنا بعقد اتفاق معها وافقت عليه أخيراً! وهو ان نعطيها فرصة .. مهلة لمدة اسبوع حتى يسقط الضرس من تلقاء نفسه وان لم يسقط بعد اسبوع فعليها أن تذهب عندها الى عيادة الأسنان ، ووافقت!
كان سبب رفض جوجو هو صديقاتها في المدرسة اللاتي سبقوها بفترات في هذه المرحلة واللاتي وصلن الى مرحلة " الجكر" الحالية من جراء سقوط اسنانهن وامتلاء أفواههن بـ "الدرايش" الكثيرة، فقد قامت احداهن بتمثيل مسلسل من نوع ال "سيريال كيلرز" وقامت بوصف عملية قلع الضرس وكأنها جريمة شنعاء ! فقد اضافت الصغيرة الكثير من البهارات وملأت عقل صغيرتي بأفكار مرعبة جعلتها تتخيل طبيب الاسنان وكأنه سفاح! مما جعلنا نعاني حتى نقنعها بالعكس وبأن الأمر لن يكون مؤلماً كما تتصور. وأخيراً ، ذهبت جوجو مساء الأمس مع دكتورة العائلة " قريبتنا" الى العيادة ولم استطع أن أرافقها لكوني لن أحتمل بكاءها أو صراخها وربما سأبكي معها! لذا جلست أنتظرها بقلق حتى عادت.
بادرتني جوجو بابتسامة جميلة جعلتني أطمئن أن الأمور مضت على مايرام، وأن لا شيء من حالات الهستيريا والبكاء قد حدثت بعكس توقعي. احتضنتها مبتسمة ، فابعدتني قليلاً عنها رافعه بوجهي كيساً صغيراً احتوى على اربع اضراس صغيرة! تفاجأت وأنا أنظر اليها برعب:
- ما هذا؟!
لتضحك لي ضحكة كبيرة كشفت عن فمٍ صغير خالي من الأسنان، وهي تقول لي:
- ماما هذي اثناني .. الدكتوره شلعت لي 4 ضروث !
( يا لهوي ! وقمنا نتكلم بالثاء؟)
قلت لها وماذا ستفعلين بأسنانك؟ ولا أخفيكم أنني كنت سأقترح عليها أن ترمي أسنانها للشمس في الصباح وتقول
" يا شمس اخذي ضرس الــ ..... وعطيني ضرس الغزال" كما كانت امهاتنا وجداتنا يخبرونا في الماضي، ولكنها سبقتني باقتراحها العجيب
- راح أحطهم تحت مخدتي وانام، ولما أقعد الصبح راح الاقي الـ tooth fairy خذتهم وحطت لي بدالها هدية!
( هذي ضريبة الانجلش سكول)
ابتسمت لها وأنا أسألها عن هذه التوث فيري "وشتطلع" ؟!
- مامي ( أهم شي مامي) شفيج ما تعرفينها؟ هذي مثل الـ "فيري قود مذر " اللي يت حق سندريلا وخلتها حلوة، بس هذي التوث فيري تيي بس حق اليهال اللي تطيح أسنانهم وتاخذ ضروسهم وتعطيهم بدالها فلوس والا هدايا .. Like this يعني !
نظرت اليها بتعجب وبصراحة لم أعرف بماذا أرد فقد افحمتني ! لأول مرة أرى طفلاً تقع أسنانه ويكون سعيداً جداً ، واذا ما نظرنا الى الأمر من وجهة نظرها فقد اقتلعت جوجو أربعة أضراس مما سيعني أنها ستتلقى من جنية الأسنان أريع هداياً في آن واحد بدلاً من هدية واحدة! وكم كانت تتطلع الى اليوم التالي حتى تذهب الى المدرسة وتخبر صديقاتها عن تجربتها الفريدة!! تراجعت عن اقتراحي فقد راقت لي فكرة التوث فيري الغربية أكثر من الشمس وضرس الغزال، وفي الليل قمت بالتسحب الى غرفتها بحذر، فقد أردت أن أستبدل أسنانها بـ 100 فلس عن كل ضرس حتى تتحقق أمنيتها، لأتفاجأ باختفاء كيس الأضراس وقد حل مكانه كيس صغير آخر!! ترددت قبل أن أسحبه بحذر وأرى مافيه، فرأت قلباً صغيراً مألوفاً على شكل دلفين جميل! هل تحققت الاسطورة؟؟ هل التوث فيري حقيقية؟! تعجبت وأعدت الكيس في مكانة وأخذي الـ 400 فلس التي كانت معي وخرجت!
لا لم تكن التوث فيري حقيقية، ولم تختفي أسنان جوجو بل قام والدها باستبدالها بذلك القلب الجميل لكي تتفاجأ عند الصباح !
غريب هو هذا العالم!
فعلى الرغم من اختلاف الدين والعادات والتقاليد بين عالمنا العربي والغربي الا أن هناك أموراً وعادات متشابهة بعض الشي مع اختلاف بسيط في الأفكار. ففي حالتنا هذه "سقوط الضرس" الأفكار متشابهة بين الشرق والغرب باختلاف اختيار الشخص الذي سيقوم باستبدال الضرس في الاسطورة. فالغرب قد اختار "جنية الضرس" الجميلة والطيبة لكي تقوم بهذه المهمة ، أما عندنا فقد اختار أجدادنا الشمس لكي تأخذ الضرس وتستبدله بضرس غزال !
صحيح للأطفال عالمهم الخاص والبريء!
كونوا بخير :)